قامت ثورة السوريين الأحرار عام 2011 ضمن سياق انتفاضة شعبية ضد الظلم والاستبداد؛ وللمطالبة بالديمقراطية كأساس للحكم، ومحاربة الفقر والفساد وغياب العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
ومع لجوء النظام للقمع الوحشي ضد المظاهرات السلمية، كان لا بد من تأطير عمل القوى الشعبية الثائرة ضمن مؤسسة للمعارضة تستطيع قيادة العمل السياسي، وتنظيم العمل المعارض داخلياً وخارجياً، على أن تبنى هذه المؤسسة على التمثيل الشعبي أو الحد الأدنى الممكن منه، ذلك لضمان دعم قوى الحراك الثوري، والعمل على تحقيق أهداف الثورة بالانتقال نحو الديمقراطية والتعددية.
للأسف وحتى هذا اليوم، فإن قوى المعارضة السورية لم تنجح بعد بإنشاء مؤسسة معارضة وطنية تستطيع تأطير وتنظيم العمل السياسي المعارض لتحقيق أهداف الثورة؛ جاءت تجربتا تأسيس كل من المجلس الوطني أولاً، والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ثانياً، مشوبة بالحد الأعظم من الخطايا السياسية، إن كان لجهة التشكيل أو لجهة العمل لاحقاً. فمن هيمنة بعض القوى السياسية واستئثارها بالقرار، وصولاً إلى الاستقواء بالقوى الإقليمية والدولية، والابتعاد عن المهنية والاحتراف والعمل المؤسساتي، وساهمت “مؤسسات المعارضة” للأسف بإضعاف العمل السياسي المعارض عموماً بدل تدعيمه، وتقزيم طموحات القوى الثائرة لجهة وجود مؤسسة معارضة وطنية جامعة، وقادرة على أداء المهام السياسية المنوطة بها، لاسيما لجهة طرح بديل مؤسساتي ديمقراطي، لنظام الإجرام والفساد.
تأتي مبادرة الائتلاف اليوم متأخرة سنوات عن بداية مطالبات عدة قوى سياسية بإصلاحه كمؤسسة، وتغيير طريقة عمله والارتقاء بمستوى أدائه السياسي؛ ومع ذلك فإن حزب أحرار، يرحب بمبادرة الائتلاف، ويرى فيها فرصة لإطلاق عملية سياسية تأسيسية، ولهذا ومن مبدأ التعامل بإيجابية مع دعوة الائتلاف، يتقدم هنا بمجموعة من الخطوات التي يرى بأنها ضرورية لتحقيق الإصلاح المطلوب في الائتلاف شكلاً ووظيفةً، والعمل على رفع سوية الأداء السياسي المعارض بشكل عام، عبر تأسيس هيكلية مؤسساتية قوية وراسخة ومهنية، تنطلق من منظومة قواعد وأسس سليمة تؤطر عملها، وترفع من مستوى العلاقة بين القوى السياسية المعارضة فيما بينها، وبين القوى المعارضة والفواعل الإقليمية والدولية المؤثرة على الملف السوري، لتصبح قائمة على الاحترام والمصالح المتبادلة، وتؤسس لإمكانية استعادة القرار الوطني ليد السوريين.
بناءً لما سبق، فإن إصلاح منظومة المعارضة السورية، ورفع سوية أدائها السياسي، تتطلب اتخاذ خطوات تأسيسية وأخرى إصلاحية مترابطة فيما بينها، تتجاوز إصلاح الائتلاف كهيكل أو تنظيم، وتؤسس لنموذج ديمقراطي بديل عن منظومات الاستبداد بكل أشكالها السياسية أو الدينية أو الاقتصادية والاجتماعية.
يدعو الائتلاف بمبادرة منه لمؤتمر يضم أوسع تمثيل ممكن للقوى السياسية والاجتماعية السورية، وفق قاعدة ممثل واحد عن كل قوة سياسية أو اجتماعية، ووفق معايير أخرى يتم الاتفاق عليها والإعلان عنها مسبقاً، لوضع معايير اختيار القوى السياسية التي ستُدعى إلى المؤتمر التأسيسي، بما فيها معايير اختيار المستقلين.
وفقاً للمعايير المتوافق عليها، يتم دعوة القوى السياسية لعقد مؤتمر تأسيسي، يهدف إلى صياغة مجموعة من القواعد الدستورية، تكون بمثابة، إعلان دستوري، أو دستور مؤقت، وذلك خلال فترة لا تتجاوز ٣ أشهر من تاريخ أول اجتماعاته، لتكون هذه القواعد الدستورية هي الناظمة لعمل مؤسسات المعارضة في المناطق التي تخضع لسيطرتها.
إننا في حزب أحرار نرى أن يتم التوافق على مجموعة من القواعد التأسيسية، ليصبح عمل المؤتمر المزمع الدعوة إليه واضح الأهداف، وضمن إطار وطني جامع، ويتمكن من تحديد أدوات العمل الديمقراطي المطلوبة، لتأمين إعادة انطلاقة تأسيسية صحيحة لمؤسسات المعارضة، وهذه المبادئ كما نراها تتجسد في النقاط التالية:
بالتزامن مع إقرار الدستور المؤقت وفق المعايير الواردة أعلاه، ومباشرة عمل السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية وفقاً لصلاحياتها المقرة في الدستور أو الإعلان الدستوري المؤقت، يتم العمل على تحقيق الأهداف المرحلية التالية:
حزب سياسي للمواطنين السوريين يجمعهم القيم والأهداف والرؤى المشتركة، ويسعى إلى تحقيقها بالطرق السلمية.
يتبنى الحزب الليبرالي قيم الديمقراطية الليبرالية ويؤمن قبل كل شيء بحق الفرد في الحريات والسعي وراء السعادة.